متى يتحدث الباحث والعالم والمفكر عن الجمال او عن الحق او العدل او عن العلم او عن الرخاء. هل عندما يشعر انه يعيشها كخبرات حياة يومية أم حينما يشعر بفقدانها وأنها أصبحت عالم افتراضي خيالي ولا وجود لها في الواقع المعاش، حينما يتحول المشهد الى مشهد قبيح لا علاقة له بمفاهيم الجمال الخلقي والإنساني أم حينما يستبد الباطل ويسيطر ويتسيد المشهد في كل مفردات الحياة، أم حينما يكون الظلم هو القانون الحاكم ويكون الظالم هو القوي الذي يهلك ويفسد ويدمر بحرية مطلقة دون رادع ودون مانع ديني او قيمي او أخلاقي او قانوني، أم حينما يسود الجهل بقهره ومنطقه الفارغ من كل المعاني والمضامين ونسعي بكل قوة الى افراغ الواقع من قيمه ومعانيه وتسود ثقافة الجهل التي تمحي كل أثر جميل في النفس ونرتد بإرادة قوية الى اقوى عصور الجهل والفقر والمرض، أم حينما نعيش واقع فقير ومقتر ويتصدر المشهد احاديث فقد الامل والأمان والخوف من المستقبل وتهديدات المجاعة المنتظرة والمستقبل المهلك وثقافة العوز والاستدانة والاقتراض ولا نسمع سوى صوت الدين الداخلي والخارجي.
هل نتحدث عن الصحة فقط حينما نكون في اشد حالات المرض ونتحدث عن القوة ونحن نعيش اشد حالات الضعف ونتحدث عن تطور البحث العلمي وتصدر ترتيب الجامعات ونحن نبدع في تحرى أساليب السرقة والاحتيال العلمي، هل نتحدث عن ثورة المعرفة وإنتاج المعرفة العلمية ونحن ننفرد بحقوق رواية العلم ونقل وترجمة مآثره. هل نتحدث عن دور المفكر والمبدع والعالم ونحن نشجع وندعم الفاسد والفاشل والمتذاكي.